التعامل مع الاجتهاد القضائي
التعامل مع الاجتهاد القضائي |
بقلم المحامي عارف الشعال
طرح أحد الزملاء الكرام تساؤل جوهري حول مدى انسجام الاجتهاد المرفق مع القواعد القانونية الناظمة للوكالة بالخصومة الخاصة بالمحامين.
في الواقع هذا الاجتهاد ملتبس وأبتر، ولا يجب التوقف عنده كثيراً ومنحه أهمية تتجاوز الدعوى التي صدر فيها.
في الواقع يجب ألا يغيب عن بالنا كرجال قانون عندما نتعامل مع الاجتهاد القضائي مجموعة من المبادئ نضعها دوماً بالحسبان وهي:
أولاً:
الاجتهاد القضائي من حيث المبدأ يعتبر وجهة نظر القاضي في تطبيق القانون على الحالة المعروضة عليه، أي هو تفسير قضائي لنص تشريعي، أو رد على مسألة أثارها أحد الخصوم في الدعوى أو في لائحة طعنه، وهو ما ندعوه بتسبيب الحكم، والقاضي ملزم بالتسبيب عملاً بنص المادة 206 أصول محاكمات، فالاجتهاد يعني رأي قانوني بالمحصلة.
ثانياً:
هناك فرق في الحجية بين الاجتهاد القضائي، والنص قانوني، فالأول يصدر عن السلطة القضائية تقتصر حجيته على الدعوى ذاتها التي صدر فيها (عدا اجتهاد الهيئة العامة في معرض العدول)، والثاني يصدر عن السلطة التشريعية وبالتالي تعتبر حجيته مطلقة تسري على جميع الحالات التي يتناولها النص.
ثالثاً: (وهو ما يعنينا في هذا المقال)
الاجتهاد القضائي عبارة عن خلاصة نقلها حرفياً أو استنبطها ((بشيء من التصرف أحياناً)) أحد المتخصصين من حيثيات حكم قضائي صدر بدعوى، ونشرها في كتاب أو مجلة أو دورية، أو غير ذلك.
هذا النقل أو الاستنباط نسميه من الناحية الفنية بـ {التقعيد}
هذا الشخص المتخصص الذي نقل أو استنبط الاجتهاد، بشر يخطئ ويصيب، وله إمكانيات فقد يكون متمرس بالحقل القانوني فيحسن التقعيد ونقل الخلاصة، وقد يكون غير متمرس فينقل الخلاصة بتراء كما حصل في الاجتهاد المرفق موضوع المقال!!
فقد أغفل ناقل الاجتهاد نقل الواقعة التي صدر بموجبها هذا الاجتهاد، أو ذكر سبب الطعن الذي جاء الاجتهاد رداً عليه، وفي الواقع يعتبر ذكر الواقعة في هذه الحالة بالذات يكتسي أهمية بالغة للإحاطة بالاجتهاد ومنحه حجمه الطبيعي.
من المعلوم أن الوكالة عقد بين الموكل والوكيل يحتاج لإيجاب وقبول، يبرم هذا العقد عندما يقوم الموكل بإبداء الإيجاب حينما ينظم الوكالة لأحد الأشخاص أو لعدة أشخاص يذكرهم فيها، ويبقى هذا الإيجاب معلقاً أو موقوفاً، حتى ينعقد العقد بقبول أحد الأشخاص المذكورين بالوكالة له، وذلك إما بالقول صراحة، أو بالفعل إذا مارس أحد الإجراءات المخولة له فيها، وعندها فقط يصبح وكيلاً، وقبل هذا القبول بالقول أو الفعل، لا يكون الشخص الوارد اسمه بالوكالة وكيلاً نهائياً، هذا من حيث المبدأ.
ولكننا نصادف عادة في عملنا اليومي، معوقات تتمثل بتعذر تبليغ الخصم، الحكم الصادر بالدعوى، أو أحد الإجراءات فيها، فقد يتوفى المحامي الذي باشر الدعوى وحضر فيها، أو يسافر أو يمارس عمل آخر ويشطب من الجدول، ولا يوجد في الدعوى ما يدل على موطن الأصيل (الموكل) المطلوب تبليغه، أو أن يكون مقيماً خارج الدولة، فإذا كان المحامي الذي تعثر تبليغه اسمه لم يرد في الوكالة كأول اسم، فيأتي هذا الاجتهاد ليغطي هذه الحالة، ويحمّل المحامي مسؤولية وتبعة ورود اسمه كأول اسم بالوكالة، وهذا بالطبع في حالة لم يباشر المحامي صاحب الاسم الأول في الوكالة أي إجراء بالدعوى، أو لم يحضر فيها. لأنه إذا حضر بالدعوى ولو جلسة فيعبر وكيلاً بها.
وسواء اتفقنا أم اختلفنا مع هذا الاجتهاد، فقد اقتضته ضرورة تسهيل إجراءات سير الدعوى على المتقاضين ما أمكن ذلك، ويفترض على المحامين وعلى نقابتهم الاحتياط لمثل هذه الحالات، وتنبيه (بوسيلة ما) المحامي الذي ينظم الوكالة إن لم يكن اسمه وراداً فيها كأول اسم.
وتبقى بالطبع بدون حلّ مشكلة فيما إن كان المحامي الذي تعثر تبليغه لسبب أو لآخر، هو صاحب أول اسم بالوكالة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق