القانون يحمي المغفلين
القانون يحمي المغفلين |
من الأمثال والأقوال التي سمعناها ونسمعها باستمرار ما يقال أن ( القانون لا يحمي المغفلين) ولابد ابتداءا التعرف على المقصود بالمغفل وهل صحيح ان القانون لا يحميه ؟
وذلك للوقوف على مدى سلامة ذلك القول قانونا من عدمه، فالمغفل في لغة القانون هو بلا شك يراد به (ذو الغفلة) والذي يعني كل من لا يهتدي عادة إلى التصرفات الرابحة ولا يميزها عن التصرفات الخاسرة, مما يترتب عليه الغبن في المعاملات للسذاجة وسلامة النية, فذو الغفلة ليس بمفسد ولا هو بمتلف لأمواله او انه يقصد تبديدها في غير ما يقتضيه الشرع او حكم العقل, إنما يغبن لأنه لا يعرف الطرق والوسائل التي تؤدي إلى الربح, ومع ذلك فانه لا يكف عن المعاملات رغم كونه يخدع فيها،
ومن المعلوم إن الغفلة نص عليها المشرع العراقي في المادة (110) من القانون المدني رقم 40 لسنة 1951 بوصفها من عوارض الأهلية، ولسنا بصدد بيان احكام تصرفات ذي الغفلة بشكل تفصيلي إنما حسبنا التعريف به والوقوف على مدى الحماية التي يتمتع بها، فقد وفرت القوانين حماية لذي الغفلة نجدها في المادة (110) من القانون المدني التي جاء فيها ( ذو الغفلة حكمه حكم السفيه) وبالرجوع إلى المادة (109) من القانون المدني التي نظمت أحكام تصرفات السفيه، نجد ان حكم تصرفات السفيه وكذلك ذي الغفلة بعد حجرهما تكون كتصرفات الصغير المميز التي تكون معتبرة ان كانت نافعة نفعا محضا كقبول الهبات والوصية، وتكون تصرفاته الضارة ضررا محضا كالهبة والإبراء باطلة وان إذن بها الولي وأجازها، إما تصرفاته الدائرة بين النفع والضرر كالبيع والإجارة وسائر المعاوضات فتعد موقوفة على إجازة الولي او إجازته هو بعد رفع الحجر عنه من قبل المحكمة اذا اكتسب رشدا.
يستفاد مما تقدم وبخلاف ما هو شائع خطأ أن القانون يحمي المغفل (ذي الغفلة) ويوفر له حصانة كبيرة ويعامله معاملة خاصة كتلك التي يوفرها للصغير المميز، ويبدو لنا ان الغالب في القول ان (القانون لا يحمي المغفلين) يكون عندما يقع الشخص في مخالفة نص قانوني او اتفاقي دون قصد او دون علم، فذلك لايعني ان الشخص من ذوي الغفلة دائما فقد يكون غير عالم باحكام قانون او كان قد وقع في سهو عنه لذا لايقال عنه مغفلا.. والصواب قانونا كما يبدو لنا القول ان (الجهل بالقانون لا يعتبر عذرا ) بوصفه التعبير القانوني المناسب عند وقوع الفرض أعلاه أي عند وجود حكم قانوني ما او صدوره فيسري بحق الجميع بمجرد نفاذه بنشره في الجريدة الرسمية وهي في العراق (جريدة الوقائع العراقية) وبصدور القانون بهذه الجريدة يفترض علم الكافة به وان كانت هناك استثناءات على هذا الافتراض كالمانع المادي وغيره.
(( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )
منقوله
0 التعليقات:
إرسال تعليق